حين أطيل النظر في نجوم السماء ليلا أتذكر مختلف الأمور التي أخطأت فيها ، أستفيق و أكتشفها كلها ، ألتمس الأعذار لنفسي و لكني أجدني أخدع نفسي فقط بتبديدها بحجج تنقشع كالسحب الحمراء في الليلة الغاضبة برياح عاتية لا تكتم في صدرها سرا ،فلابد للحقيقة من أن تظهر ، حقيقة تلألأ النجوم و لمعانها ، و حقيقة أنني إنسان أخطئ ولابد لي من الإعتراف بأخطائي ، حالي كحال النجوم ، و لهذا أعترف لها بأسراري و مكنونات صدري ، أعترف لها بأخطائي و الهفوات التي تخللت أيامي ، و لروعة النجوم فهي تنصت ولا تتكلم ، تستمع إلي و تظهر إهتمامها الخالص ، لا أشعر بالملل طالما هي منتبهة و طالما أحكي الحقيقة ..و الحقيقة فقط ، دون خوف أو استحياء ، فأمضي معها ساعات طويلات رائعات .ولا أفارقها بسهولة .
حين أغادر مسامرة النجوم بعد نداء الأحلام لي أجدني مشتاقا إليها ، فقد أشعرتني بالسعادة و الصفاء ، أشعرتني بالحرية و الثقة ، أبتسم لها مغادرا إياها على أمل اللقاء .
و في ليالي الشتاء الباردة الحزينة أحرم من مخاطبة النجوم ، و لكن لا أحرم من التحدث بصراحة ، أشتاق للنجوم و لمسامراتها ،و أستشيرها في إحدى الزيارات ، فتشير إليّ بمصاحبة الشموع ، فأغلق الأضواء في الغرفة ليلا و أشعل الشمعة لأحكي لها ، فأجد بها إهتماما كبيرا لما أروي ، و أجد عندها إنصاتا منقطع النظير ، و لكن تغادرني بعد منحي مدة محددة ، تحترق و هي تنصت لي ، و كأنها تخبرني أنّ حياتي لها معنى ، تثبت لي أنها تنصت في كل مرة بتحريك رأسها ، ذلك الرأس المتمثل في شعلة مهذبة هادئة ، تجعلني أعترف لها بصغائر الهموم فتذوب اكثر و أكثر و هي تسمع لي ، لا أحتاج أن أعيد عليها ما صارحت به النجوم ، فقد وجدها تعرف قصتي كاملة ، وقبل أن تودعني تخفف من شعلتها و نورها ، و كأنها تخبرني أنها سمعت ما فيه الكفاية و أن ما سمعته مني صار الآن ماضيا و عليّ الآن أن أنطلق للمستقبل فأشعل الأنوار الكهربائية أو أخطط لحياتي بالإستغراق في الأحلام ، فأبتسم لها و في ابتسامتي أقول لها صعب جدا اشعال الأضواء مباشرة خاصة و أنني أكون في الفراش ..
البليدة يوم 24/02/2008
خاطرة خاصة بمحمد توفيق صابر بونيف
_________________
احب ما تفعل حتى تفعل ما تحب