@ سؤال بسيط ذاك الذي قفز إلى ذهني وتراقص في مخيلتي، لكنه بقدر ذلك كان سببا في استنزاف وقتي في البحث والتقصي لساعات طوال.
@ السؤال جاء بعد دقائق من فوز المنتخب التركي على نظيره الكرواتي وتأهله للدور نصف النهائي ليورو 2008لملاقاة ألمانيا يوم غد ، ومضمونه: ماذا لو كان المنتخب التركي مصنفا ضمن منتخبات قارة آسيا ، هل كنا سنراه كما هو عليه الآن يقارع أعتى المنتخبات في العالم؟!
@ باعتبار أن السؤال افتراضي، فبالطبع ستكون الإجابة افتراضية كذلك، لكنها حتما ستجلي الضبابية عن الصورة، وستكشف عن كنه ما فيه من حقائق لا يجب التغاضي عنها ولا التعمية عليها.
@ فتركيا الذي يقع الجزء الأكبر منها في جنوب غرب آسيا، فيما جزء آخر صغير يقع منها في جنوب شرق أوربا لعبت السياسة لعبتها لتكون واحدة من دول أوربا، وهو ما أسهم على اثر ذلك لأن نشاهد المنتخب التركي يلعب بين منتخبات القارة العجوز بدلا من مشاهدته بين منتخبات القارة الصفراء!.
@ وجود المنتخب التركي في أوربا جعله ولسنوات طويلة منذ أول مباراة ودية له عام 1923مع منتخب رومانيا يقف في آخر الطابور، وأنَّى له غير لك وهو يزاحم إمبراطوريات كرة القدم في العالم،ليس هذا وحسب ، بل إن الأتراك ورغم أنهم عرفوا الطريق الى المونديال أول مرة في العام 1954، إلا أنهم لم يكونوا قادرين حتى على مقارعة منتخبات الصف الثاني والثالث في أوربا إلى منتصف عقد الثمانينيات الماضية، بدليل أن المنتخب كان يمنى بهزائم ثقيلة، كهزيمته من منتخب بولندا بثمانية أهداف نظيفة في العام 1968، وكذلك هزيمتيه بذات النتيجة الكبيرة ( صفر / من منتخب انجلترا عامي 1984و 1987م، أي حتى عهد قريب من اليوم.
@ هذه الحال المتردية لم يرتضها مسيرو الكرة التركية الذين رأوا أنفسهم كأقزام بين عمالقة، فعملوا على تطوير كرتهم ،وأول ما التفتوا إليه هو ضرورة تطبيق الاحتراف على الطريقة الأوربية الحديثة ،ثم محاكاة المسابقات الكروية الكبرى، وهو ما حدث بالفعل إذ بسببها تحول الدوري التركي إلى منطقة استقطاب وجذب، لتبدأ هجرات اللاعبين من وإلى الدوري التركي إيذانا ببدء عملية قطف الثمار.
@ الثمار التركية جاءت يانعة إذ سرعان ما بدا الأتراك يجنونها وذلك بوصول منتخب بلادهم لنهائيات لكأس أوربا عام 1996كأول مرة في تاريخه ، ورغم خروجه من الدور الأول إلا ان ذلك لم يحبطهم ليعودوا بعد أربعة أعوام فيتأهلوا للدور ربع النهائي ، وما هما إلا عامان حتى فجر الأتراك أكبر انجاز في تاريخهم بتحقيق المركز الثالث في مونديال كوريا واليابان قبل أن يتعرض المنتخب لهزة أبعدته عن يورو 2004ومونديال 2006ليعود بعدها ليورو 2008ليضع نفسه على أعتاب مجد جديد.
@ وليس المنتخب التركي وحده الذي سرق الأضواء فحتى الأندية فعلت ذلك ،فهذا غلطة سراي يحقق كأس الاتحاد الأوربي ومن ثم كأس السوبر في العام 2000وهو الذي ظل يزاحم أقوى الفرق في دوري الأبطال بتأهله غيرة مرة للأدوار النهائية ، ولم يكن ليتألق المنتخب والأندية التركية لولا وجود لاعبين مهرة باتوا اليوم يتمتعون بأسماء لها وزنها في بورصة الاحتراف العالمي.
@ وأخيرا.. هل عرفتم لماذا قفز ذاك السؤال السهل لذهني وتراقص في مخيلتي ؟ ثم دعوني أسألكم ترى ماذا لو كان الأتراك - فعلا - في آسيا ؟!
"نقلا عن صحيفة الرياض السعودية"